د. الكواري: تصنيف قطر الأولى عربياً والـ 33 عالمياً نتاج تركيزها على حقوق الإنسان والتنمية المستدامة
د. أسماء العطية : لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة الا اذا تمتع الانسان بحقوقه الأساسية التي تمكنه من المساهمة في التنمية
احتفلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وكلية الشرطة وجامعة قطر باليوم العربي لحقوق الإنسان في يومي ١٩ و٢٠ مارس حيث قدم الدكتور محمد سيف الكواري محاضرتين منفصلين تحت عنوان حقوق الإنسان والتنمية المستدامة حيث كانت المحاضرة الأولى أمس الأول بعمادة الشؤون الأكاديمية في كلية الشرطة لمنتسبي الدورة الحتمية التأهيلية الثالثة لخريجي الجامعات المدنية وبحضور النقيب محمد عويضة الهاجري رئيس قسم شؤون الطلبة ،والنقيب خليفة أحمد بو هاشم السيد رئيس قسم البحوث والدراسات بالكلية وعدد من ضباط الكلية وموظفي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بينما كانت المحاضرة امس بجامعة قطر كلية البنات.
وفي تعريفه للتنمية المستدامة، قال الكواري: “التنمية المستدامة هي التي تُلبي احتياجات البشر في الوقت الحالي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تحقيق أهدافها، وتركز على النمو الاقتصادي المتكامل المستدام
والاشراف البيئي والمسؤولية الاجتماعية .فالتنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات، وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها”.
ونوّه إلى أن “التنمية المستدامة لها علاقة وطيدة بحقوق الانسان، وقال: تبرز هذه العلاقة في إعلان الأمم المتحدة الرائد بشأن الحق في التنمية عام 1986، الذي ارتبط بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين، والاتفاقيات والصكوك الأخرى الصادرة عن الأمم المتحدة والمرتبطة بهذا الشأن، وتعتبر بأن القضاء على الانتهاكات الواقعة على الإنسان من شأنه أن يساهم في خلق ظروف مواتية لتنمية جزء كبير من الإنسانية، وترى بأن جميع حقوق الإنسان مترابطة، والاهتمام بتعزيز التنمية يقتضي الاهتمام بتعزيز الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا ينبغي الاهتمام ببعض الحقوق واعمالها وانكار حقوق أخرى”.
وأضاف قائلاً: “ينص الإعلان على أن “من واجب الدول أن تتعاون مع بعضها في تأمين التنمية وإزالة العقبات التي تعترض التنمية”.
وفي حالة قطر، أشار المحاضر إلى أهم الأهداف الإنمائية التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تعمل عليها دول قطر، وتتلخص أساسا في القضاء على الفقر، وتوفير الصحة الجيدة والرفاه، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والعمل المناخي”، مشيراً إلى تنفيذ تلك الأهداف الإنمائية يندرج عنه الحرص على توفير مجموعة من الحقوق هي؛ الحق في التعليم، والحق في السكن، والحق في الكرامة، والحق في الرفاه، والحق في الصحة، والحق في العمل، إلى جانب حقوق العمال، وحق المرأة، والحق في المساواة بين الجنسين، والحق في المساواة وعدم التمييز، والحق في الحياة”، لافتاً إلى أن كل حق من تلك الحقوق ترتبط بأهداف التنمية المستدامة، وتؤثر وتتأثر ببعضها البعض. وهي الأهداف التي تتعاون على تنفيذها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مع وزارة الداخلية، ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة، ووزارة التعليم والتعليم العالي.
واستطرد الدكتور الكواري قائلاً: “يعتبر مُقوِمي التنمية وحقوق الإنسان الركيزتين الأساسيتين لسياسة دولة قطر في مجالات التعليم والصحة والبيئة وحقوق الطفل والمرأة وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والعمالة الوافدة، ويؤكد ذلك التوجه، حصول دولة قطر على المرتبة الأولى عربياً والمرتبة الثالثة والثلاثين عالمياً على مؤشر التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
وأضاف: “ولئن دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ على تكثيف عمل الحكومة القطرية على هذه الأهداف والاهتمام بمؤشراتها كتقييم مرجعي قوي يدعم عملية التنمية المتواصلة التي تشهدها الدولة في عديد المجالات سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو البيئي وضمان حقوق الأجيال القادمة في العيش بكرامة وفي بيئة مستدامة”.
وخلص د. الكواري إلى سرد عدد من التوصيات، داعيا إلى التأكيد على اتباع نهج حقوق الإنسان في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة والتوجه نحو صنع سياسات عامة قائمة على الحقوق وتؤكد على التنمية والتطوير الابتكار. كما أوصى بالتركيز على العنصر البشري في عملية التنمية والاعتراف بحقه فيها ومسؤوليته في الانخراط في تحقيق السياسات والأهداف الحكومية ذات الصلة بالتنمية .إلى جانب توصية بتعزيز تعاون الجهات الحكومية مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان باعتبارها طرفا أساسيا في عملية تحقيق التنمية المستدامة القائمة على نهج حقوق الإنسان.
هذا، ونوّه الكواري للعلاقة بين حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، من منطلق ما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على أنه “يستند الإعلان على النهج المبني على حقوق الإنسان في توازنه باحتوائه على مواد تخص أصحاب الحقوق (المواطنين)، وأصحاب الواجبات (الدولة)، ويؤكد على الدور المترابط للجهتين في عملية التنمية باعتبارها حق وواجب للدولة والمواطن، حق لهما وحق عليهما”.
وأبرز الدكتور أهم الحقوق التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادة الثانية التي تنص على أنه “لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. (الحق في الحرية) ( الحق في المساواة)
وأضاف: “ولعل الناظر في هذه التراتبية والعلاقات السببية بين كل هذه الاشكالات يجد أن الخيط الرابط بينها جميعا هو ما يسمى “حقوق الإنسان” بحيث أن مبدأ عدم التجزئة لهذه الحقوق يتضح جليا من هذه الدورة الانتاجية للمشكلات المتتابعة فالحق في الحياة والحق في الكرامة والحق في الصحة لا يمكن أن تتحقق بأي حال من الأحوال في ظل عدم وجود تجسيد للحق في البيئة السليمة على سبيل المثال لا الحصر”.
وفي تصريح لها بمناسبة انعقاد الندوة، قالت د. أسماء عبدالله العطية رئيس قسم العلوم النفسية بكلية التربية في جامعة قطر وعضو اللجنة الوطنية لحقوق الانسان أن هذه هي الندوة الثانية خلال هذا العام الاكاديمي التي تم تنظيمها بالتعاون والشراكة مع اللجنة الوطنية لحقوق الانسان ، حيث كانت الندوة الأولى حول “حصار دولة قطر من منظور حقوق الانسان”، الندوة الأولى قدمها سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان ، وتأتي هذه الندوة الثانية للحديث عن “حقوق الانسان والتنمية المستدامة ” والتي قدمها الدكتور المهندس محمد بن سيف الكواري عضو اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، وتأتي هذه الندوات ضمن اتفاقية التعاون بين جامعة قطر واللجنة الوطنية لحقوق الانسان.
وقالت العطية: وفي هذا الصدد نحرص في كلية التربية من خلال كافة ما نقدمه من أنشطة أكاديمية على تمكين طلابنا وذلك بإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في كافة الفعاليات واللقاءات الخاصة بحقوق الإنسان، وتمكينهم من خلال إتاحة الفرصة لهم لإدارة كثير من الندوات التي تنظمها الكلية والقسم، بما يحقق رؤية وطننا الغالي قطر 2030، وتعتبر هذه الندوة الهامة بمثابة رسالة تنوير تنطلق من الجامعة، لتصل لطلبتها أولا، ثم المجتمع المحلي، وعالمنا العربي.
وأضافت العطية: بأن حقوق الإنسان في وطننا العربي الممتد من المحيط للخليج من القضايا التي يجب النظر إليها من جميع الزوايا، سواء السياسية، والاجتماعية، والثقافية والصحية وغيرها ، فلا يمكن عند التعاطي مع هذه القضية الهامة، الاقتصار على جانب دون غيره، لأن “حقوق الإنسان” ثمرة من ثمار المجتمعات الإنسانية الصحيحة في قواعدها الأساسية، والسليمة في بنائها الروحي والفكري.
وأشارت العطية إلى أن شعار اليوم العربي لحقوق الانسان لهذا العام هو “حقوق الانسان والتنمية المستدامة ” فلا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة، وتواصل بين الأجيال، الا اذا تمتع الانسان بحقوقه الأساسية التي تمكنه من المساهمة بقوة في التنمية ، فأية تنمية مستدامة يجب أن تعتمد على الإنسان، أولا وأخيرا، وذلك قبل وضع الخطط والاستراتيجيات، فالتنمية البشرية هي الأساس لتقدم المجتمعات، لذلك كان من المهم إلقاء الضوء على هذه الجوانب خلال الندوة، التي حضرها عدد كبير من الطالبات وأعضاء الهيئة الاكاديمية والإدارية من الكلية والجامعة، وتميزت بتفاعل الحضور مع ما طرح من قضايا تتعلق بحقوق الانسان .
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.