الدوحة في 03 يونيو /قنا/ قال سعادة السيد أحمد بن محمد الشامسي، رئيس البرلمان العربي إن المؤتمر العربي حول تطوير منظومة حقوق الإنسان في الجامعة العربية المنعقد بالدوحة، يمثل إضافة مهمة لجهود تطوير منظومة حقوق الإنسان العربية إعمالا لمقررات مؤتمر القمة 24 في مارس الماضى بدولة قطر.
وعبر الشامسي في كلمة له بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر عن سعادته لأن موضوعه يرتبط بشكل وثيق بدور البرلمان العربي ومكانته ضمن منظومة الجامعة العربية.
وأضاف أنه لا يمكن الاجتماع اليوم لبحث تطوير منظومة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية دون الوقوف عند الوضع المزري لحقوق الإنسان في سوريا، مشيرا إلى أن أبسط حقوق الإنسان في العيش بأمن واستقرار لم تعد ممكنة للشعب السوري الذي هجر عدد كبير منه مساكنه ليعيشوا في ملاجئ خوفا من الموت قصفا أوجوعا.
وتابع قائلا “وإذ نقف اليوم مع كل جهد عربي أو دولي لحل الأزمة السورية، فإننا نضع نصب أعيننا العمل على تطوير منظومة العمل بحقوق الإنسان في الوطن العربي لتلاشي مثل هذه المآسي الإنسانية مستقبلا، وسن قوانين عربية تصون للمواطن العربي كرامته وإنسانيته وحقوقه مهما عصفت الظروف السياسية من حوله”.
وقدم الشامسي، ملاحظات أساسية ثلاث عند بحث تدابير تطوير منظومة حقوق الإنسان العربية في إطار جامعة الدول العربية، وقال إن أولها هو أننا ننطلق من واقع أزمة يعيشها الوطن العربي ويشهدها واقع العمل العربي المشترك، لأسباب هيكلية وتاريخية متنوعة، وتتأثر بها بطبيعة الحال منظومة حقوق الإنسان العربية، لافتا في هذا السياق إلى أن العالم العربي يشهد أزمات ومشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية طاحنة تجعل من ملف حقوق الإنسان على المحك دائما وتؤدي إلى ممارسات تخفض من تصنيف كثير من الدول فيما يتعلق بحماية واحترام وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وفقا لما تضمنته المواثيق الدولية ذات الصلة، مؤكدا أن هذه الأزمات تدفع إلى القول دون مبالغة كبيرة بوجود أزمة في حالة حقوق الإنسان في العالم العربي، ومغايرة بين بين مايوفره الإطار القيمي الأساسي ممثلا في الإسلام من تكريم الإنسان وحماية حقوقه وحرياته على النحو الذي جعل منه مصدر الإلهام الأول للقانون الدولي الإنساني، وما يشهده الواقع العملي من ممارسات.
وأوضح أن ملامح الأزمة لا تتضح فحسب في نقص المواثيق والآليات الإقليمية الجماعية بشأن حقوق الإنسان في إطار الجامعة العربية، بل في عدم مواءمة بعض الأطر التشريعية للمعايير والمبادئ الدولية، وفي ممارسات الحكومات التي تهدر هذه الحقوق والحريات، وتحفل برصدها ومتابعتها مؤسسات المجتمع المدني المعنية، في غياب أو ضعف أو عدم فعالية الآليات والمؤسسات المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، فضلا عن عدم انضمام عدد غير قليل من الدول العربية لبعض الاتفاقيات الدولية المهمة والآليات المرتبطة بها كاتفاقية إنهاء التمييزضد المرأة، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد سعادة السيد أحمد بن محمد الشامسي، رئيس البرلمان العربي على أن ماتشهده بعض الدول العربية اليوم من حروب أهلية وتناحر داخلي ومواجهات مسلحة يومية يعصف بكل حقوق الإنسان الفردية والجماعية، ومبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، فضلا عن ذلك معاناة الشعب الفلسطينيى من استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والاستيطانات العنصرية وإجراءات العقاب الجماعية للاحتلال وتحلله من أي التزامات دولية تتعلق بتنظيم سلطة الاحتلال وبحقوق الشعب الفلسطيني، وتنامي حركات التطرف والتنظيمات الإرهابية هي مما يشكل تحديات أساسية لمنظومة حقوق الإنسان في الوطن العربي.
وقال إن من الملاحظات أن تأخذ اقتراحات التطوير بمنهج التدرج، سعيا إلى تأمين التوافق اللازم حول هذه المقترحات لإقرارها بداية “فرغم مايرتبط بالميثاق العربي لحقوق الإنسان من ملاحظات مهمة وجوانب قصور قد نتفق مع بعضها، فإنه في مجمله يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام نحتاج إلى تأمين التزام كافة الدول العربية بها، ويبقى أن نعمل في مرحلة تالية على إدخال التعديلات التي لاغنى عنها وفي مقدمتها إقرار آلية فعالة لتقديم الشكاوى من الأفراد والدول”.
وأضاف أن آخر هذه الملاحظات يرتبط بضرورة استخلاص أفضل الممارسات فيما يتعلق بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، والاستفادة من التجارب الإقليمية الأخرى كالمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، في إطار الاتحاد الأفريقي ومحكمة العدل الإسلامية في إطار منظمة التعاون الإسلامي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في إطار المجلس الأوروبي، بما يتواءم مع الحالة العربية وما يمكن التوافق بشأنه وتنفيذه، لافتا إلى أن إنشاء المحكمة العربية يستدعي دورا مؤكدا للبرلمان العربي سواء في إقرار أي اتفاقيات بشأنها أو فيما يرتبط باختيار أو انتخاب أعضائها.
من ناحيتها قالت السيدة توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011 في كلمة مماثلة بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن ماتشهده المنطقة العربية من انتقالات ديمقراطية، وما تفرضه الأحداث من مستجدات تصب في خانة الشراكة المجتمعية في صنع القرار كنتيجة حتمية، تستدعي من الحكومات العربية تهيئة المناخ والانطلاق صوب المستقبل من قاعدة متينة أساسها الحقوق والحريات، لافتة إلى أهمية هذه القاعدة لإنجاز تلك التحولات التي لا رجعة عنها ولابديل لها إلا واقعا تعمه الفوضى، ويغيب عنه الاستقرار وتنهار فيه التنمية وتتعدى هذه الآثار بُعدها المحلي إلى الإقليمي والدولي.
وأكدت كرمان في كلمتها أن الحقيقة الراسخة التي لا تقبل التشكيك هي أن خيارات الشعوب أفرادا وجماعات باتت اليوم غير قابلة للاحتواء، وأن تطلعاتها المشروعة يصعب القفز عليها مهما كانت الوسائل والمبررات، وهومايجب أن تستوعبه كل الأنظمة في المنطقة لتعيد حساباتها على هذا الأساس، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الدول.
وأكدت أن مستقبل الأمة العربية المشترك القوي مرهون بتطوير شامل للجامعة العربية، يطال ميثاقها ومؤسساتها وأمانتها العامة، ومجلسيها الاقتصادي والاجتماعي، وبرلمانها العربي، ومحكمتها العربية بما يمنحها كما هائلا من الصلاحيات وقدرا كافيا من التمويل المستمر المستدام بما يكفي لتنفيذ كافة برامجها وأنشطتها.
وقال السيد محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، ممثل الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إن المرحلة الأخيرة من عمل جامعة الدول العربية شهدت ظهور حالة من التحول في الخطاب والقاموس الحقوقي داخل أروقتها و هياكلها، مما يعني أن كل بوادر ترسيخ مشهد حقوقي عربي جديد منسجم مع المواثيق الدولية بدأ يعرف طريقه نحو التحقيق في حالة انصب الجهد العربي في هذا السياق.
وأضاف الصبار في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن الحالة العربية استجمعت بفعل تراكم كل القدرات على تغيير الواقع الحقوقي في البلدان العربية بما يتماشى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وبالتالي وجب وضع مقاربة شاملة مندمجة لحقوق الإنسان، مع استحضار أنها جزء من المنظومات الإقليمية التي عالجت حقوق الإنسان.
واعتبر أن الظرفية الراهنة تستدعي إعادة النظر في وظائف الجامعة العربية وأعمال الرقابة على الدول وتوفير الشروط الكفيلة بتمتيع الشعوب العربية بحقوق الإنسان بما يجعل الجامعة رافعا أساسيا تنعم فيها الشعوب العربية بالكرامة، حاثا الدول العربية في هذا الصدد على التفاعل الإيجابي مع الربيع العربي.
وفي معرض تطرقه إلى دور المجتمع العربي، قال الصبار إن المجتمع المدني العربي يحتل مركزا مهما في اتجاه تكريس انضمام الدول العربية إلى المنظومة الحقوقية الدولية، لافتا إلى أن التشخيص العام يقضي بالاعتراف بوجود تفاوتات غير مقبولة بين هذه الدول.
يعقد المؤتمر في إطار رغبة مجلس جامعة الدول العربية في إصلاح آلية العمل بالجامعة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وطبقاً لإعلان الدوحة الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمـة في دورته العادية 24 بتاريخ 26 مارس 2013، والذي دعا إلى “عقد مؤتمر لمنظمات المجتمع المدني في الدول الأعضاء بالدوحة حول تطوير منظومة حقوق الإنسان في الجامعة العربية”.
كما يأتي المؤتمر، استمرارا للجهود التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني العربية لتطوير المنظومة العربية لحقوق الإنسان عن طريق تطوير واستحداث مواثيق وآليات لحقوق الإنسان في الجامعة العربية ترقى لمستوى تطلعات الشعوب العربية.
ويسعى المؤتمر من خلال هدفه العام إلى تطوير النظام العربي لحقوق الإنسان عن طريق المساهمة في إيجاد وتطوير مواثيق وآليات حقوق الإنسان التعاهدية وغير التعاهدية، ويناقش في هذا السياق العديد من أوراق العمل مع تنظيم ورش عمل بالتوزاي
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.