الدوحة في 18 مارس /قنا/ : فاز المصور الفلسطيني محمد إبراهيم محمد عثمان بجائزة الشهيد علي حسن الجابر ، التي أعلنتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الاحتفال السنوي الخاص الذي أقامته الليلة الماضية بفندق "شرق". وحصل عثمان على مبلغ عشرة آلاف دولار رصدتها اللجنة للفائز بالجائزة بجانب التكريم العيني.
وفي الكلمة التي ألقاها في هذه المناسبة، قال الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ، إن اختيار اللجنة للاحتفال السنوي بهذه الجائزة لتكون متوافقة مع اليوم العربي لحقوق الإنسان، له دلالات هامة تكشف عن أهمية تعزيز وحماية حقوق الإنسان والعمل على إزالة كافة الانتهاكات الواقعة على الإنسان وتكريس الجهود لمواصلة حصول كل شخص على كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وشدد على أن حقوق الإنسان وما يتصل بها من حريات أساسية، قد أضحت اليوم من أهم الموضوعات التي تحظى باهتمام كبير على كافة الأصعدة سواء عالمياً أو إقليمياً أو محلياً، وذلك لارتباطها بالإنسان ذاته وبصون كرامته الإنسانية التي تعد من أهم الأسس التي تقوم عليها حقوق الانسان ومنبع القوانين العادلة في دولة القانون، وهو المبدأ الرئيسي الذي تفهم من خلاله مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة.
وأضاف قائلا "إن اهتمام المجتمع الدولي بقضايا حقوق الإنسان يبرر لنا ما يتردد اليوم من مفاهيم وأفكار حول حقوق الإنسان وحرياته المختلفة، ولقد شهد العالم في السنوات الأخيرة تحولات سياسية وثقافية من بينها إبراز قيمة حقوق الإنسان والتي حصلت على حيز متزايد من الاهتمام العالمي".
وقال سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إنه إذا أصبحت حقوق الإنسان عنوانا للدول العصرية والمتحضرة ، فلا يخفى علينا جميعاً دور وسائل الإعلام في تعزيز وحماية هذه الحقوق " فشهيدنا المحتفى بجائزته اليوم فقد حياته وبذل روحه لكشف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتي كانت تقع على الشعب الليبي الشقيق".
وأكد في هذا الصدد أنه أصبح جليا أن الأسباب الحقيقية وراء استهداف الصحفيين والإعلامين بشكل عام تكاد تكون معروفة وهي رغبة الأنظمة الاستبدادية في عدم كشف الجرائم التي يقترفونها بحق الإنسانية مشددا علي أنه لم يعد من المقبول السكوت على الاعتداء المتعمد على العاملين في وسائل الإعلام الذين يحاولون نقل الفظائع التي ترتكبها الأنظمة سواء في الحروب أو ضد شعوبها الثائرة للحصول على حريتها وحقوقها .
كما شدد على أن الاعتداء على العاملين بوسائل الإعلام أثناء المنازعات الدولية أو الداخلية، هو اعتداء على حق الشعوب في الحصول على المعلومات وقال لذا ينبغي تكريس جهود الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات حقوق الإنسان وكافة الأطراف الفاعلة في مجال حقوق الإنسان لتطوير وتفعيل الأدوات التشريعية الدولية والوطنية لحماية وسائل الإعلام والعاملين فيها.
وأضاف أن الذي يتتبع موجات الحرية والكرامة الإنسانية التي ارتفع هديرها بين الشعوب العربية في إطار ما يعرف بالربيع العربي، يتبين الرابط بينها وبين حقوق الإنسان وفي مقدمتها الكرامة الإنسانية والديمقراطية وأنهما وجهان لعملة واحدة ، لأن جوهر ا لديمقراطية هو حرية الرأي ولا يمكن أن تعزز الكرامة الإنسانية إلا مع تأكيد جميع الحقوق والحريات العامة.
وقال "وإذ كنا نحتفل اليوم باليوم العربي لحقوق الإنسان والذي يحمل شعار "الكرامة الإنسانية " فلا بد من الإشارة والتذكير بأن عام 2011 المنصرم هو عام متفرد لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في منطقتنا العربية ولاشك أن الاحتفال باليوم العربي لحقوق الإنسان يعتبر خطوة هامة في مجال ترسيخ ثقافة ومفهوم حقوق الإنسان ويعتبر مؤشرا كبيرا على تنامي حس الشعوب العربية بأهمية تعزيز وحماية حقوق الإنسان .
ونبه سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى ان أنشطة الدعوة إلى حقوق الإنسان لم تكن في أي وقت مضى أكثر اتصالاً بالواقع , أو أكثر حيوية مما كانت عليه في هذا العام وقال في هذا الصدد "وقد كان رصد انتهاكات حقوق الإنسان من خلال الكتابة أو التصوير له أثر بالغ في كشف زيف كافة الأنظمة الحاكمة المستبدة ووسائل القمع التي استخدمتها ومن خلال القوة الفاعلة لوسائل التواصل الاجتماعي تحول أشخاص عاديون إلى ناشطين في مجالات حقوق الإنسان".
واعتبر ان الجهود المبذولة لتعزيز وحماية حقوق الانسان في المنطقة العربية غير كافية وارجع ذلك الي انها محكومة بعوامل معينة ستظل محدودة بآثارها ونتائجها مالم تسند بالإرادة السياسية وتكاتف كافة الأطراف الفاعلة في الوطن العربي منوها في هذا الصدد بأن الاهتمام بتعزيز وحماية حقوق الإنسان هو المدخل الرئيسي لحفظ كرامة الإنسان وتحقيق التنمية والتقدم.
ولفت إلى ان حقوق الإنسان تتعلق بكل فرد في مجتمعنا العربي بنفس القدر وعلى قدم المساواة وتربط بيننا جميعاً كمجتمع عربي من خلال ذات المثل والقيم لأننا جميعا نتقاسم نفس الهموم والآمال والطموحات " .
وقال في هذا الصدد إنه "حري بنا في هذا اليوم أن نذكر بأهمية الاهتمام بحقوق الإنسان والحفاظ علي كرامة الإنسان لأنها انعكاس طبيعي لكرامة الوطن ذلك لأن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته ، لذا فعلى الحكومات العربية ان تعمل على بناء وتربية الأجيال القادمة على مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان المتمثلة في العدل والتسامح والمساواة وعدم التمييز لأي سبب كان واحترام الآخر وتقبله حتى رغم الاختلاف في الرأي أو الرؤية، فضلا عن الحرص على منح جميع المواطنين كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية " .
وأشاد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بكل المدافعين والعاملين في مجال حقوق الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر كالإعلامين والصحفيين الذين قد يتعرضون لانتهاكات جسيمة لحقوقهم تتمثل في حظر أنشطتهم أو أعمالهم أو كتاباتهم أو الإيذاء البدني أو النفسي أو قد يتطور الأمر إلى السجن والاعتقال وقد يصل الأمر إلى أن ينتهك حقهم في الحياة فيتعرضون للقتل مطالبا بمساندة ودعم كل من يعمل من أجل كشف الحقائق والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان.
وقال إنه تخليداً للشهيد "رحمة الله عليه" ، ارتأت اللجنة أن تكون الجائزة التي تحمل اسمه على نطاق واسع وتشمل كافة الإعلاميين والصحفيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان من دولة قطر أو من البلدان العربية والأجنبية الأخرى بحيث يكون المرشح لنيل هذه الجائزة قد قدم إسهامات حقيقية ملموسة ومتميزة من خلال عمله في مجال الكشف عن الجرائم أو الانتهاكات الخطيرة التي ارتُكبت بحق شعب من الشعوب أو طائفة من الطوائف أو أقلية من الإقليات أو يكون المرشح قد ساهم في منع وقوع مثل هذه الجرائم والانتهاكات أو قام بالكشف عنها للرأي العام.
وبين في ختام كلمته أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تلقت العديد من أعمال المرشحين لنيل جائزة الشهيد وقد تم اختيار الشخص الفائز بجائزة الشهيد علي حسن الجابر وهو المصور الفلسطيني محمد إبراهيم محمد عثمان.
وتحدث سعادة الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني المدير العام لشبكة الجزيرة عن مسيرة الشهيد "الجابر" المهنية الناجحة في عالم التصوير والتي ضحى من أجلها بحياته باحثا عن الحقيقة. وأكد أن الشهيد يستحق مثل هذه الجائزة وأكثر، وقال "اليوم نلتقي مع محبي وأهل الشهيد هنا في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، كي نعلن باسمه جائزة للحرية، وهي جائزة ممهورة بالدم لا تستحق غير اسم الشهيد".
واضاف في الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه السيد خالد جوهر المدير التنفيذي للموارد البشرية لشبكة الجزيرة " تغيرت ليبيا وتغيرت بعدها أنظمة ما كان يظن أحد أنها زائلة، لكن الذي بقي ثابتا لم يتغير هو المبدأ الذي آمنت به "الشهيد" في حق الناس بالمعرفة فدفعك إلى هناك ودفعت أنت ثمنه".
وخاطب الحفل سعادة السيد عبدالمنصف البوري السفير الليبي لدى دولة قطر بالإضافة لكلمة أخرى للسيد راشد ناصر النعيمي رئيس جمعية المحامين ألقاها نيابة عنه نائب رئيس الجمعية السيد راشد رجا المري. وأشاد السفير البوري والسيد النعيمي في كلمتيهما بتضحيات الشهيد علي الجابر مصور قناة الجزيرة وإخلاصه في مهنته التي دفع حياته ثمنا لها.
كما نوها بمبادرة اللجنة بإقامة هذا الاحتفال وتخصيص هذه الجائزة المميزة تخليدا لذكرى الشهيد وأعماله وتقديرا لأسرته والجهود التي بذلها في خدمة مهنة الصحافة. وقد لقي هذا التكريم والجائزة ارتياحا كبيرا من قبل الحضور الذين أثنوا على هذه البادرة الطيبة التي تدل على الوفاء والعرفان لكل من يبدع ويخلص العطاء.
هذا و كانت قناة الجزيرة قد عرضت أثناء الحفل فيلما وثائقيا تضمن المسيرة الحافلة للشهيد علي حسن الجابر من بدايات عمله في مجال التصوير فضلاً عن توثيق لحظات استشهاده على الأراضي الليبية. وتضمن برنامج الحفل قصة استشهاد الجابر يرويها مصور قناة الجزيرة بيبه ولد امهادي الذي رافق الشهيد مع طاقم الجزيرة إلى ليبيا وكان شاهداً آخر لحظات استشهاده. ومن ثم تم عل هامش الحفل تكريم (31) محاميا من الذين قدموا إسهامات قانونية في مجال حقوق الإنسان بدولة قطر.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.