مؤتمر فيينا+20 – مستقبل الحركة العالمية لحقوق الإنسان
الأمم المتحدة: (فينا:28/6/2013): كان المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، الذي عُقد في فيينا في عام 1993، من أهم الأحداث في تطور حركة حقوق الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية. وقد احتفل مؤتمر فيينا+20، الذي عُقد في 27 و28 حزيران/يونيه ونظمته حكومة النمسا بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالإنجازات المحرزة في العقدين الذين انقضيا منذ ذلك الوقت وتناول بالتحليل التحديات المقبلة.
وفي معرض الإعراب عن امتنانها لحكومة النمسا لإتاحتها فرصة ل”الوقوف على المنجزات”، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، في كلمتها الختامية أمام المؤتمر، إنه كان أمراً بالغ القيمة أن يُسأل عما إذا كانت الدول والجهات الفاعلة الأخرى في مجال حقوق الإنسان قد التزمت بإخلاص بالرؤية التي تنطوي عليها وثيقة إعلان وبرنامج عمل فيينا، وهي الوثيقة الختامية المعلمية الصادرة في ختام المؤتمر العالمي لعام 1993.
وقالت بيلاي “من الجوهري لنا أن نحافظ على الزخم، وأن نتمسك بالمسار الذي أُرسي في إعلان وبرنامج عمل فيينا. ويجب أن نرفض المساس بالقوانين والمعايير المتوافقة مع حقوق الإنسان التي تم التوصل إليها، وبالمؤسسات المتوافقة مع حقوق الإنسان التي أُنشئت، بجهد جهيد خلال نصف القرن الماضي. ومن الضروري تعزيز هذه القوانين والمعايير والمؤسسات وتوسيعها وتقويتها.”
وقد اجتمع ممثلو المجتمع المدني بالتوازي مع مؤتمر فيينا+20 ودعوا، في استنتاجاتهم، إلى عقد مؤتمر عالمي لحقوق الإنسان في عام 2018. وأشاروا، في إعلانهم الختامي، إلى أنه، على الرغم من التقدم المحرز في حماية حقوق الإنسان، تنزع المصالح الانتفاعية، وبصفة خاصة مصالح الشركات، إلى أن تسود. وأشار إعلان المجتمع المدني إلى “عدم وجود أشكال مناسبة للجزاءات القانونية بالمقارنة بالنظم القانونية الأخرى مثل القوانين التجارية الدولية.”
وأشارت بيلاي إلى الأعمال التجارية وحقوق الإنسان باعتبارها “مجالاً رئيسياً ومتنامياً”، وبصفة خاصة دور الشركات عبر الوطنية والمؤسسات المالية.
واجتمع خبراء حقوق الإنسان، الذين حضروا مؤتمر فيينا+20، في ثلاثة أفرقة عاملة خاصة بغية استعراض التقدم المحرز منذ انعقاد المؤتمر العالمي في ثلاثة مجالات رئيسية: تعزيز سيادة القانون؛ وإعمال حقوق الإنسان للمرأة؛ ووضع نهج قائم على حقوق الإنسان لخطة التنمية لما بعد عام 2015 الذي ينتهي فيه برنامج الأمم المتحدة للأهداف الإنمائية للألفية.
وتناول الفريق العامل المعني بسيادة القانون بالبحث النظام الحالي القائم على معاهدات حقوق الإنسان، الذي يتيح للأفراد الفرصة لتقديم التظلمات، والعلاقة بين عمل هياكل حقوق الإنسان والنظام الدولي للعدالة الجنائية.
وقد شدد إعلان وبرنامج عمل فيينا على سيادة القانون باعتبارها ضرورية للحماية الفعالة لحقوق الإنسان. وأولى الإعلان والبرنامج اعتماماً خاصاً لحقوق الضحايا ، وبصفة خاصة النساء والأطفال والأقليات، في الوصول إلى العدالة والحصول على تعويضات مناسبة.
ونظر الفريق أيضاً في المفهوم الخاص بإنشاء محكمة عالمية لحقوق الإنسان، وهو اقتراح نوقش في مجتمع حقوق الإنسان على مدى عقود عديدة.
وتكلمت المفوضة السامية عن “الرغبة المشجعة، لا في هذا المؤتمر فحسب وإنما في العالم بأسره، في مكافحة الإفلات من العقاب، على ألا تقتصر هذه المكافحة على المسؤولين عن انتهاك الحقوق المدنية والسياسية وإنما تشمل أيضاً المسؤولين عن الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية اللذين أفضيا إلى كوارث مالية بالنسبة لكثير من الأفراد والجماعات وكذلك، في بعض الحالات، بالنسبة لأمم كاملة.”
وفي معرض التسليم بمناقشة “محاكم المساءلة الجديدة”، قالت بيلاي “هذه بالتأكيد إمكانات للمستقبل، ولكن ينبغي عدم إنشائها على حساب الآليات القائمة ، التي خدمتنا على نحو جيد ويمكنها أن تخدمنا على نحو أفضل.”
وقالت “لم يتم بناء روما في يوم واحد. وكذلك لم يتم الوفاء بالوعد الذي أعطي في فيينا في يوم واحد.”
وكان أحد أبرز إنجازات المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، الذي عُقد في عام 1993، الاعتراف بأن ’حقوق المرأة من حقوق الإنسان‘.
وبعد عشرين عاماً، ركز الفريق العامل المعني بإعمال حقوق المأة تركيزاً خاصاً على دور المرأة في الحياة السياسية والعامة.
بيد أن الفريق العامل، في معرض الاعتراف بالدور الذي اضطلعت به الصحفيات والمدافعات عن حقوق الإنسان بوصفهن عناصر للتغيير، أشار إلى أنهن كثيراً ما يبقين خارج عمليات صنع القرارات. وذكر الفريق العامل في استنتاجاته أنه لاتزال هناك التزامات رسمية كثيرة يتعين الوفاء بها في مجال تعزيز واحترام وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالمرأة وقال إن الوقت قد حان للإصرار على امتثال الحكومات وجميع المسؤولين عن أداء الواجبات. وشدد الفريق العامل على أهمية ضمان أن تشارك الشابات والفتيات في اتخاذ القرارات الرئيسية في حياتهن وأن يقمن بإجراء خيارات مدروسة وذلك فقط عندما يبلغن من العمر ما يكفي لتمكينهن من الاضطلاع بهذا.
ويقوم المجتمع العالمي حالياً بصياغة خطة التنمية لما بعد عام 2015 الذي تنقضي فيه الآجال النهائية لإعمال الأهداف الإنمائية للألفية التي وضعتها الأمم المتحدة. وقد بحث الفريق العامل الثالث خيارات لضمان أن تكون حقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من البرنامج التالي. وسلم الفريق بأن إدماج مبادئ حقوق الإنسان – المساواة وعدم التمييز والمشاركة والمساءلة – في برامج التنمية كان متفاوتاً. والتمس الخبراء الحصول على ردود على السؤال المحوري وهو “كيف يمكن أن تُعتبر الفئات التي تعاني أشد تمييز، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات والمهاجرين والنساء والأطفال، فئات صاحبة مطالب بحقوق إنسان وليست فئات سلبية مستفيدة من المساعدات الخيرية؟”
وكان إدماج حقوق الإنسان في خطة التنمية لما بعد عام 2015 موضوعاً تناوله أيضاً خبراء الأمم المتحدة المستقلون في اجتماعهم السنوي الذي عُقد في فيينا بالتزامن مع المؤتمر. ويضطلع أصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة – وهي التسمية التي يعرفون بها – بولايات مواضيعية تتمثل في التحقيق في، وتقديم التقارير عن، حالات تتعلق بأمور مثل التعذيب وحقوق المرأة والصحة والأوضاع في بلدان محددة.
وحث الخبراء المستقلون، في بيانهم الختامي، على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وتوفير إمكانية الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف للجميع على قدم المساواة، والاعتراف بالدور الذي يؤديه المجتمع المدني؛ ورفضوا أي تشكيك في عالمية مبادئ حقوق الإنسان على أساس القيم التقليدية أو الثقافية.
وقالت المفوضة السامية “إن معظم الأساسيات قائم. والمشاكل تتعلق بالأحرى بالتنفيذ والإرادة السياسية وتوزيع موارد بشرية ومالية كافية.”
ورحبت بيلاي بالاعتراف بأن الأهداف المحددة في إعلان فيينا “لا تزال صالحة، ولا تزال جديرة بالنضال من أجلها، في عام 2013.”
وقالت “إننا نغادر هذا المكان ونحن نعرف أن علينا أن نفعل الكثير إذا أردنا أن ننقل عالماً أفضل إلى جيل مقبل أفضل تعليماً وأكثر تسامحاً وأقل عنفاً من الجيل الذي وضع في النهاية رؤية طويلة الأجل لحقوق الإنسان في فيينا منذ 20 عاما.”