دورة تدريب العاملين بالمنظمات الخيرية والإنسانية في قطر حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية 30-1/12/2007
شهدت حقوق الإنسان وحرياته الأساسية اهتماما عالمياً وتنامياً متصاعداً في الحقب الأخيرة، إدراكاً من المجتمع الدولي بأهميتها ودورها في النهوض بالأمم عبر تاريخها وإيماناً بالقيم الإنسانية الرفيعة والغايات النبيلة التي يحملها في طياته مصطلح حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والتي تتجسد في العمل على توفير الحياة الآمنة الكريمة التي تحفظ للذات الإنسانية كرامتها، وبحسبها حقوقاً نابعة من الفطرة التي خلق الإنسان عليها.
وقد أثمر إدراك المجتمع الدولي لأهمية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتمخضت جهوده المتلاحقة عبر العقود الماضية عن إرساء منظومة دولية متكاملة شملت العديد من الإعلانات والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كان في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948- الذي تكمن أهميته وما يحظى به من قيمة أدبية وسياسية كبرى في كونه يمثل القاسم المشترك للقيم العليا للأمم على اختلاف ثقافاتها وعقائدها وكذا العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، إضافة إلى العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان سواء الصادرة تحت مظلة الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية المتخصصة.
وقد سايرت دولة قطر –في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى “حفظه الله” ركب مسيرة الحركة العالمية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتجلى ذلك في الجهود الوافرة للدولة سواء على المستوى الرسمي أو الأهلي في الاهتمام والعمل على تعزيز وحماية مختلف حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية، وإنشاء الدولة العديد من المؤسسات والأجهزة المعنية بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وكان من أهمها إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالمرسوم بقانون 38 لسنة 2002 للعمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان لكل من يخضع للولاية القانونية لدولة قطر.
وقد بات راسخاً في الأدبيات المعاصرة لحقوق الإنسان أنة إزاء تعدد وتنوع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وترابطها فيما بينها بما لا يقبل تجزئتها ، فقد أضحى العمل على توفير وتعزيز وحماية سائر هذه الحقوق غاية عظمى تتطلب تضافر مختلف الجهود الحكومية أو الرسمية منها وغير الحكومية أو “الأهلية”، وبروز دور المجتمع المدني ومؤسساته المختلفة كدور متكامل جنباً إلي جنب- وكشريك فعال لدور الدولة الرئيسي في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وتأتى المؤسسات والجمعيات الخيرية كأحد مكونات المجتمع المدني وأهم مؤسساته وأبرزها دوراً في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والتي كان لها دوراً فاعلاً في نهوض الكثير من الحضارات والمجتمعات عبر العصور بما تقوم به من أداء أعمال تطوعية متنوعة تشكل إسهاماً مباشراً ومتميزاً في تعزيز وحماية حقوق الإنسان بصفة عامة ، والحقوق الاقتصادية ولاجتماعية بصفة خاصة والتي تشمل مجموعة متعددة من الحقوق الأساسية اللازمة لتوفير سبل العيش الكريم بحسبه جوهر هذه الحقوق، وذلك بما تقوم به من جهود ترمى إلى مكافحة الفقر واستئصال شأفته وتقديم العون والإغاثة لذوى الحاجة وهو ما ينعكس بدوره على الحق في التنمية الشاملة والمستدامة.
لذا فقد أولت الأمم المتحدة اهتماما ملحوظاً بالعمل التطوعي والخيري واتخذته أحد وسائلها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بإنشائها لبرنامج الأمم المتحدة للمتطوعين عام 1970 والذي يعد أحد المكونات الرئيسة للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لارتباطه الوثيق بإعمال الحق في التنمية الشاملة والمستدامة، كما تضمن إعلان الألفية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2000 اعتبار مكافحة الفقر أحد الأهداف الرئيسة للأمم المتحدة وحث جميع الدول على استئصال شأفته بحلول عام 2015
ومن الحقائق التاريخية الثابتة أن القيم الاجتماعية التي تشكل الأسس التي ينهض عليها العمل التطوعي والخيري لتجد جذورها في الشريعة الإسلامية الغراء الزاخرة بالمبادئ التي تحث على قيم التعاون والترابط والتكافل من ذلك قول الله تعالى ” وتعاونوا على البر والتقوى”، وقوله جل شأنه ” ومن تطوع خيراً فهو خير له” وقوله سبحانه: “وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل”، وقوله على شأنه: “وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم”، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثة الشريف “إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس حببهم للخير وحبب الخير إليهم أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة”، وقوله صلى الله عليه وسلم، “خير الناس أنفعهم للناس” .